كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فقد أخرج أبو داود، والترمذي وحسنه وابن جرير وغيرهم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف صنف كمشاة أي على العادة وصنف ركبان وصنف على وجوههم قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أنهم يتقون بوجوههم كل حدب» وإما سحبًا بأن تجرهم الملائكة منكبين عليها كقوله تعالى: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} [القمر: 48] ويشهد له ما أخرجه أحم، والنسائي، والحاكم وصححه عن أبي ذر أنه تلا هذه الآية {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ} إلخ فقال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين وفوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وأخرج أحمد، والنسائي، والترمذي وحسنه عن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم تحشرون رجالًا وركبانًا وتجرون على وجوهكم» وليطلب وجه الجمع فإن لم يوجد فالمعول عليه ما شهد له حديث الشيخين، ولا تعين الآية أعني قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ في النار على وُجُوهِهِمْ} [القمر: 48] الثاني لأن القرآن يفسر بعضه بعضًا لأنها في حالهم بعد دخول النار وما هنا في حالهم قبل فتغايرا، وزعم بعضهم أن الكلام على المجاز وذلك كما يقال للمنصرف عن أمر خائبًا مهمومًا انصرف على وجهه فالمراد ونحشرهم يوم القيامة مهمومين خائبين، وكأن الداعي لهذا الارتكاب أنه قد روى عن ابن عباس حمل الأحوال الآتية على المجاز وحينئذ تكون جميع الأحوال على طرز واحد ولا يخفى عليك فإياك أن تلتفت إلى تأويل نطقت السنة النبوية بخلافه ولا تعبأ بقوم يفعلون ذلك {عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا} أحوال من الضمير المجرور في الحال السابقة، والأول أبعد عن القيل والقال، وجوز أبو البقاء كون ذلك بدلًا من تلك الحال وهو كما ترى.
واستظهر أبو حيان كون المراد مما ذكر حقيقته ويكون ذلك في مبدأ الأمر ثم يرد الله تعالى إليهم أبصارهم ونطقهم وسمعهم فيرون النار ويسمعون زفيرها وينطقون بما حكى الله تعالى عنهم في غير موضع.
نعم قد يختم على أفواههم في البين، وقيل هو على المجاز على معنى أنهم لفرط الحيرة والذهول يشبهون أصحاب هذه الصفات أو على معنى أنهم لا يرون شيئًا يسرهم ولا يسمعون كذلك ولا ينقطون بحجة كما أنهم كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق ولا يسمعونه وأخرج ذلك ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وروى أيضًا عن الحسن فنزل ما يقولونه ويسمعونه ويبصرونه منزلة العدم لعدم الانتفاع به، ولا يعكر عليه أن بعض الآيات يدل على سلب بعض القوى عنهم لاختلاف الأوقات، وقيل عميًا عن النظر إلى ما جعل الله تعالى لأوليائه بكما عن الكلام معه سبحانه صمًا عما مدح الله تعالى به أولياءه، وقيل: يحصل لهم ذلك حقيقة بعدو قوله تعالى لهم: {اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ} [المؤمنون: 108] وعلى هذا تكون الأحوال مقدرة كقوله تعالى: {مَأْوَاهُمُ} أي مستقرهم {جَهَنَّمَ} على تقدير جعله حالًا ويحتمل أن يكون استئنافًا، وقوله سبحانه: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} يحتمل أيضًا الاستئناف ويحتمل أن يكون حالًا من جهنم كما قال أبو البقاء، وجعل العامل في الحال معنى المأوى، وقال الطبرسي: هو حال منها لأنها توضع متلظ ومتسعر ولولا ذلك ما جعل حالًا منها.
وجوز جعله حالًا مما جعلت الجملة الأولى منه لكن بعد اعتبارها في النظم والرابط الضمير المنصوب في {زِدْنَاهُمْ} وهو كما ترى والاستئناف أقل مؤنة، والخبو وكذا الخبو بضمتين وتشديد وهما مصدرًا خبت النار سكون اللهب قال في البحر يقال خبت النار تخبو إذا سكن لهبها وخمدت إذا سكن جمرها وضعف وهمدت إذا طفئت جملة، وقال الراغب: خبت النار سكن لهبها وصار عليها خباء من رماد أي غشاء، وفي القاموس تفيسر خبت بسكنت وطفئت وتفسير طفئت بذهب لهبها وفيه مخالفة لما في البحر والأكثرون على ما فيه.
ومن الغريب ما أخرجه ابن الأنباري عن أبي صالح من تفسير {خَبَتْ} في الآية بحميت وهو خلاف المشهور والمأثور، والسعير اللهب، والمعنى كلما سكن لهبها بأن أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق ما تتعلق به النار وتحرقه زدناهم لهبًا وتوقدًا بأن أعدناهم على ما كانوا فاستعرت النار بهم وتوقدت.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الآية إن الكفرة وقود النار فإذا أحرقتهم فلم يبق شيء صارت جمرًا تتوهج فذلك خبوها فإذا بدلوا خلقًا جديدًا عاودتهم، ولعل ذلك على ما قاله بعض الأجلة عقوبة لهم على إنكارهم الإعادة بعد الأفناء بتكررها مرة بعد الأخرى ليروها عيانًا حيث لم يروها برهانًا كما يفصح عند ما بعد.
واستشكل ما ذكر بأن قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] يدل على أن النار لا تتجاوز عن انضاجهم إلى إحراقهم وإفنائهم فيعارض ذلك، وأجاب بعضهم بأن تبديلهم جلودًا غيرها بإحراقها وإفنائها وخلق غيرها فكأنه قيل كلما نضجت جلودهم أحرقناها وأفنيناها وخلقنا لهم غيرها، وبعض بأن المراد كلما نضجت جلودهم كمال النضج بأن يبلغ شيها إلى حد لو بقيت عليه لا يحس صاحبها بالعذاب وهو مرتبة الاحتراق بدلناهم إلخ ويدل على ذلك قوله تعالى: {لِيَذُوقُواْ العذاب} [النساء: 56] وقال الخفاجي: أجيب بأنه يجوز أن يحصل لجلودهم تارة النضج وتارة الإفناء أو كل منهما في حق قوم على أنه لا سد لباب المجاز بأن يجعل النضج عبارة عن مطلق تأثير النار إذ لا يحصل في ابتداء الدخول غير الإحراق دون النضج اهـ.
ولا يخفى ما في قوله بأن يجعل: النضج عبارة عن مطلق تأثير النار من المساهلة، وفي قوله: إذ لا يحصل إلخ منع ظاهر، وذكر أنه أورد على الجواب الأول أن كلمة كلما تنافيه وفيه بحث فتأمل، وربما يتوهم أن بين هذه الآية وقوله تعالى: {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب} [البقرة: 162] تعارضًا لأن الخبو يستلزم التخفيف وهو مدفوع بأن الخبو سكون اللهب كما سمعت واستلزامه تخفيف عذاب النار ممنوع، على أنا لو سلمنا الاستلزام، فالعذاب الذي لا يخفف ليس منحصرًا بالعذاب بالنار والإيلام بحرارتها وحينئذٍ فيمكن أن يعوض ما فات منه بسكون اللهب بنوع آخر من العذاب مما لا يعلمه إلا الله تعالى.
وذكر الإمام أن قوله سبحانه: {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} يقتضي ظاهره أن الحالة الثانية أزيد من الحالة الأولى فتكون الحالة الأولى تخفيفًا بالنسبة إلى الحالة الثانية، وأجاب بأنه حصل في الحالة الأولى خوف حصول الثانية فكان العذاب شديدًا.
ويحتمل أن يقال: لما عظم العذاب صار التفاوت الحاصل في أثنائه غير مشعور به نعوذ بالله تعالى منه اه، وقد يقال: ليس في الآية أكثر من ازدياد توقدهم ولعله لا يستلزم ازدياد عذابهم، والمراد من الآية كلما أحرقوا أعيدوا إلا أنه عبر بما عبر للمبالغة، ويشير إلى كون المراد ذلك قوله تعالى: {زِدْنَاهُمْ} دون زدناها فتدبر.
{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)}.
{ذلك} أي العذاب المفهوم من قوله سبحانه: {كلما خبت زدناهم سعيرًا} [الإسراء: 97] أو إلى جميع ما ذكر من حشرهم على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًا الخ، والمفهوم مما ذكرنا مندرج فيه {جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ} أي بسبب أنهم {كَفَرُواْ بآياتنا} القرآنية والآفاقية الدالة على صحة الإعادة دلالة واضحة أو على صحة ما أرسلناك به مطلقًا فيشمل ما ذكر، و{ذلك} مبتدأ وجزاؤهم خبره والظرف متعلق به، وجوز أن يكون {جَزَآؤُهُمْ} مبتدأً ثانيًا والظرف خبره والجملة خبر لذلك، وأن يكون {جَزَآؤُهُمْ} بدلًا من ذلك أو بيانًا والخبر هو الظرف، وقيل ذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك وما بعده مبتدأ وخبر، وليس بشيء {وَقَالُواْ} منكرين أشد الإنكار {أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا} هو في الأصل كما قال الراغب كالفتات ما تكسر وتفرق من التبن والمراد هنا بالين متفرقين {اثنا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} إما مصدر مؤكد من غير لفظه أي لمبعوثون بعثًا جديدًا وإما حال أي مخلوقين مستأنفين.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن الله تعالى الذي قدر على خلق هذه الأجرام والأجسام الشديدة العظيمة التي بعض ما تحويه البشر {قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} من الأنس أي ومن هو قادر على ذلك كيف لا يقدر على إعادتهم وهي أهون عليه جل وعلا، وقال بعض المحققين: مثل هنا مثلها في مثلك لا يبخل أي قادر على أن يخلقهم، والمراد بالخلق الإعادة كما عبر عنها أولًا بذلك حيث قيل: {خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 98] ولا يخلو عن بعد، وزعم بعضهم أن المراد قادر على أن يخلق عبيدًا آخرين يوحدونه تعالى، ويقرون بكمال حكمته وقدرته ويتركون ذكر هذه الشبهات الفاسدة كقوله تعالى: {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [إبراهيم: 19] وقوله سبحانه: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التوبة: 39] وفيه أنه لا يلائم السياق كما لا يخفى على ذوي الأذواق، ثم اعلم أن ظاهر الآية أن الكفرة أنكروا إعادتهم يوم القيامة على معنى جمع أجزائهم المتفرقة وعظامهم المتفتتة وتأليفها وإفاضة الحياة عليها كما كانت في الدنيا فهو الذي عنوه بقولهم {أئنا لمبعوثون خلقًا جديدًا} [الإسراء: 98] بعد قولهم {ائذا كنا عظامًا ورفاتًا} [الإسراء: 98] فرد عليهم بإثبات ذلك بطريق برهاني، وعلى هذا تكون الآية أحد أدلة من يقول: إن الحشر بإعادة أجزاء الأبدان التي تتفرق كأبدان ما عدا الأنبياء عليهم السلام ومن لم يعمل خطيئة قط والمؤذنين احتسابًا ونحوهم ممن حرمت أجسادهم على الأرض كما جاء في الأخبار وجمعها بعد تفرقها وعنوا بذلك الأجزاء الأصلية وهي الحاصلة في أول الفطرة حال نفخ الروح وهي عندهم محفوظة من أن تصير جزءًا لبدن آخر فضلًا عن أن تصير جزأً أصليًا له، والذاهبون إلى هذا هم الأقل وحكاه الآمدي بصيغة قيل لكن رجحه الفخر الرازي وذكر أن الأكثر على أن الله سبحانه يعدم الذوات بالكلية ثم يعيدها وقال: إنه الصحيح، وكذا قال البد الزركشي، وذكر اللقاني أنه قول أهل السنة والمعتزلة القائلين بصحة الفناء والعدم على الأجسام بل بوقوعه وإن اختلفوا في أن ذلك هل هو بحدوث ضد أو بانتفاء شرط أو بلا ولا فذهب إلى الأخير القاضي من أهل السنة وأبو الهذيل من المعتزلة قالا: إن الله تعالى يعدم ما يريد إعدامه على نحو إيجاده إياه فيقول له عند أبي الهذيل افن فيفنى كما يقول له كن فيكون.
وذهب جمهور المعتزلة إلى الأول فقالوا: إن فناء الجوهر بحدوث ضد له وهو الفناء ثم اختلفوا فذهب ابن الاخشيد إلى أن الله تعالى يخلق الفناء في جهة من جهات الجواهر فتعدم الجواهر بأسرها، وقال ابن شبيب: إنه تعالى يحدث في كل جوهر بعينه فناءً يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني وذهب أبو علي وأبو هاشم واتباعهما إلى أن الله تعالى يعدم الجوهر بخلق فناء لا في محل معين منه ثم اختلفا فقال أبو علي وأتباعه: إن الله سبحانه يخلق فناءً واحدًا لا في محل فيفنى به الجواهر بأسرها وقال أبو هاشم وأتباعه أنه تعالى يخلق لكل جوهر فناء لا في محل.
وذهب إمام الحرمين وأكثر أهل السنة وبشر المريسي والكعبي من المعتزلة إلى الثاني ثم اختلفوا في تعيين الشرط فقال بشر: إنه بقاء يخلقه سبحانه لا في محل فإن لم يخلقه عدم الجوهر.
وقال الأكثر والكعبي: إنه بقاء قائم بالجوهر يخلقه جل وعلا فيه حالًا فحالًا فإذا لم يخلقه تعالى فيه انتفى الجوهر.
وقال إمام الحرمين: إنه الإعراض التي يجب اتصاف الجسم بها فإن الله تعالى شأنه يخلقها في الجسم حالًا فحالًا فمتى لم يخلقها سبحانه فيه انعدم.
وقال النظام: إنه خلق الله تعالى الجوهر حالًا فحالًا فإن الجواهر عنده لا بقاء لها بل هي متجددة بتجدد الاعراض فإذا لم يوالى عز مجده على الجوهر خلقه فني، وأنت تعلم أن أكثر هذه الأقاويل من قبيل الأباطيل سيما القول بأن الفناء أمر محقق في الخارج ضد للبقاء قائم بنفسه أو بالجوهر وكون البقاء موجودًا لا في محل، ولعل وجه البطلان غني عن البيان.
واحتجوا لهذا المذهب بقوله سبحانه: {كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] وأجابوا عن الآية بأن الكفار اكتفوا بأقل اللازم وأرادوا المبالغة في الإنكار لأنه إذا لم يمكن بزعمهم الحشر بعد كونهم عظامًا ورفاتًا فعدم إمكانه بعد فنائهم بالمرة أظهر وأظهر، وفيه أن هلاك كل شيء خروجه عن صفاته المطلوبة منه والتفرق كذلك فيقال له هلاك ويسمى أيضًا فناء عرفًا فالاحتجاج بالآيتين غير تام وإن ما قالوه في الجواب عن الآية خلاف الظاهر.
ولا يرد عليهم أن إعادة المعدوم محال لما ذكره الفلاسفة من الأدلة لما ذكره المسلمون في إبطالها.
ومن الناس من قال: إن عجب الذنب لا يفنى وإن فنى ما عداه من أجزاء البدن لحديث الصحيحين: «ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب منه خلق الخلق يوم القيامة».
وفي رواية مسلم: «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب» وصحح المزني أنه يفنى أيضًا وتأول الحديث بأن المراد منه أن كل الإنسان يبلى بالتراب ويكون سبب فنائه إلا عجب الذنب فإن الله تعالى يفنيه بلا تراب كما يميت ملك الموت بلا ملك موت، والخلق منه والتركيب يمكن أي يكون بعد إعادته فليس ما ذكر نصًا في بقائه، ووافقه على ذلك ابن قتيبة، وأنت تعلم أن ظواهر الأخبار تدل على عدم فنائه مطلقًا، وتوقف بعض العلماء عن الجزم بأحد المذهبين السابقين في كيفية الحشر.
وقال السعد: إنه الحق وهو اختيار أمام الحرمين.
وفي المواقف وشرحه للسيد السند هل يعدم الله تعالى الأجزاء البدنية ثم يعيدها أو يفرقها ويعيد فيها التأليف الحق أنه لم يثبت في ذلك شيء فلا جزم فيه نفيًا ولا إثباتًا لعدم الدليل على شيء من الطرفين.
وقال حجة الإسلام الغزالي في كتاب الاقتصاد: فإن قيل ما تقولون هل تعدم الجواهر والاعراض ثم يعادان جميعًا أو تعدم الاعراض دون الجواهر ثم تعاد الاعراض فقط؟ قلنا: كل ذلك ممكن، والحق أنه ليس في الشرع دليل قاطع على تعيين أحد الأمرين الممكنين.